محوار: ماهر عزام(إذا كان المحتوى الرقمي تحويل أي معلومة عن أي شيء إلى شكل رقمي قابل للتداول عبر شبكة الأنترنت ، فإن الحديث عن المحتوى الرقمي لم يعد ترفا، فكل العالم يتجه نحو رقمنة كل شيء.
والعيش في القرن الحادي والعشرين دون توظيف للمحتوى الرقمي هو أشبه بحياة القبائل البدائية. وإذا كنا نتحدث عن مجتمع المعرفة ..مجتمع المعلومات فأول شروط الحياة فيه أن تكون لك مساهمتك الفاعلة فيه وإلا تحولت إلى قشة في مهب الريح..هذه الأيام وحتى الخامس عشر من الشهر الجاري تنعقد في دمشق برعاية الدكتورة نجاح العطار نائب رئيس الجمهورية العربية السورية وبتنظيم من وزارتي الإعلام، والاتصالات والتقانة، والجمعية العلمية السورية للمعلوماتية، وبالتعاون مع اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم؛ أعمال (المؤتمر الوطني الأول لصناعة المحتوى الرقمي العربي)..
في الحوار التالي يوضح المهندس نبيل الدبس معاون وزير الإعلام كل كلمة في عنوان المؤتمر.)
بداية لنتحدث عن الطموحات التي على أساسها تم رسم خريطة المؤتمر وأفقه أو استراتيجيته؟
المؤتمر يسعى إلى تلمس ملامح استراتيجية وطنية أو خطة وطنية..ولا ينطلق من استراتيجية مسبقة أو موجودة. نحن متواضعون بهذا المجال، ولا نبني قصورا في الرمل..نتمنى أن نحقق حداً أدنى من التنسيق ..الآن كل جهة تعمل منفردة على إنتاج ما يشبه المحتوى الرقمي..قد لا يكون هو المعيار الحقيقي، هو محتوى رقمي بالشكل المطلوب، ولكن أيا كان فهو جهد مبذول ويصب بشكل أو بآخر في صناعة محتوى رقمي، الآن نحن نشجع كل أشكال صناعة المحتوى الرقمي أيا كانت مستوياته. لكن ما نسعى إليه ألا تبقى الأمور بهذا الشكل المشتت على المستوى الوطني، المطلوب هو أن يكون هنالك خط عريض ..سمّه خطة ..سمّه استراتيجية..يجمع هذه الجهود مع بعضها أولا: ضمن رؤيا واضحة وبالتالي يتلمس أهدافاً معينة تصب كلها في مصالح التنمية بكل أشكالها وألوانها وهذا هو الهدف الأساسي المرجو بالنهاية. وثانيا هو إيجاد معايير مشتركة لأنه إذا كان كل فرد يصنع محتوى وفق معايير خاصة من الصعب التشارك في المحتوى، فلابد من حد أدنى من المعايير المشتركة.
أي ضبط المصطلحات لتكون هناك لغة مشتركة في إنتاج المحتوى؟
الموضوع مختلف..عندما نريد صناعة محتوى رقمي لمادة ما أو رقمنتها، قد تستخدم أسلوباً تقنياً معيناً يختلف عن الطريقة التي يرقمن بها صانع محتوى شبيه لكن بطريقة مختلفة، وبالتالي هناك صعوبة في التشارك في المحتوى لغياب التوافق، لأن المعايير مختلفة. لذلك لابد من ضبط المعايير..
ألا توجد معايير دولية بهذا الشأن؟
توجد معايير دولية بشكل أو بآخر.ولكن لابد من توحيد الجهود والاتفاق على معايير محددة واعتمادها في الخطة الشاملة..وهذا المبدأ شرط أساسي في كل صناعة..والأجدى أن نطبقها على صناعة المحتوى الرقمي لا أن تبقى الأمور مشتتة..فالطموح أن نوحد الجهود للوصول إلى رؤيا مشتركة..لأن صناعة المحتوى هو مفهوم تشاركي بامتياز..تشارك فيه كل الفعاليات وكل الجهات التي يمكنها أن تنتج معرفة أو تنتج خدمة أو حتى تنتج برمجيات لإدارة هذا المحتوى.
إلى أي حد يدخل الأفراد في المشاركة بهذه الرؤيا..خاصة أن الفرد أصبح منتجا للمحتوى الرقمي على شبكة الانترنت؟
المحتوى الالكتروني يعود في جزء منه فعلا إلى جهود فردية، فمثلا المدونات التي يضرب بها المثل..لكن المدونات إلى أي حد هذه المدونات هي جزء من المحتوى أم لا؟ هذا الموضوع مطروح للبحث. هناك اتجاه يقول إن المدونات شكل من أشكال المحتوى، لكن هناك اتجاه يقول بأن المدونات قضايا عشوائية شخصية، وإذا صبت في المحتوى فهي ليست عنصرا أساسيا..نحن نرحب بأي شكل من أشكال صناعة المحتوى لكن لايهمنا المحتوى بحد ذاته..ما يهمنا هو المحتوى في سبيل التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في القطر.
أين موقع الناس في هذا المحتوى؟
ما يعنينا بشكل مباشر المحتوى الذي ينبع من واقع الناس والوطن ويصب في مصلحة الوطن. لأن الحديث عن المحتوى على إطلاقه حديث يقودنا إلى أشكال وألوان من المحتوى بعضها ضار.هذا هو الخط العام للمؤتمر..
ما علاقة طموح المؤتمر بقانون الإعلام الالكتروني..؟
لا علاقة بينهما..لأن موضوع المحتوى الرقمي العربي موضوع لم نخترعه نحن..وهو موضوع دولي ويهم كل مجتمع..الموضوع بالنسبة لنا هو أن المحتوى هو التحدي الأعظم في مجتمع اسمه مجتمع المعلومات..فالآن بعد أن استقر التطور التقني وأخذ شكله الأوضح إلى حد ما بدأ العالم يتبين ملامح وخلفيات وأبعاد وتفاصيل هذا المجتمع الجديد..حيث تبين أن ثورة الاتصالات والمعلومات هي أدوات بالشكل الأخير
(مقاطعاً) أدوات فقط أليس في هذا تبسيط مبالغ فيه؟
هي أدوات..لكنها أدوات لتسويق شيء ما..فائدتها كأدوات جدا محدودة إذا لم يكن هناك محتوى..لنأخذ مثلاً الأقنية الفضائية...التكنولوجيا وفرت وسائل النقل والاتصال بشكل مذهل..لكن إذا لم يكن هناك مادة..أي نوع من المحتوى..دراما ..ترفيه، أغان أخبار ..وثائقيات..لا يمكن الحديث عن أقنية فضائية أو بث فضائي. وهنا لابد من التوضيح بأن ما نقصده بالمحتوى الالكتروني ليس المحتوى الإعلامي فقط..المحتوى الإعلامي جزء من المحتوى الإلكتروني..فالتعليم عن بعد هو محتوى إلكتروني..النتاج الثقافي والتأريخي..الحضاري..هي أجزاء من المحتوى..المحتوى هو كل النتاج المعرفي للوطن بكافة أشكاله..
هذا ينطبق على كل الأمم ..إذاً أين نحن من هذا الكم الهائل من المعلومات المتدفقة من جهات الأرض المختلفة؟
هنا بالضبط تأتي أهمية المؤتمر لأن صناعة المحتوى الرقمي هو الدفاع عن، والحفاظ على الهوية في مواجهة السيل العارم من المعلومات من كل جهة من العالم..هذا هو البعد الوطني والحضاري لصناعة المحتوى الرقمي العربي. فخطورة الأمر تكمن في أن الثورة الرقمية عابرة للحدود والأوطان والثقافات.فضمن هذا الكم الهائل من المعلومات إذا لم يكن لديك رؤيا فأنت ستضيع هويتك وتضيع مواطنيتك وتضيع ثقافتك وتضيع تراثك.. الآن المجتمع ينتقل إلى مجتمع المعلومات ..هذا المجتمع له قواعده، على الأقل هناك شروط جديدة بدأت تحكم المجتمع الجديد ينبغي أن أكون مؤهلاً لها..أن أكون على مستواها، وفي الوقت نفسه يجب أن أجد نفسي ضمنها وأن أحافظ على هويتي في هذا المجتمع..
هذا يذكرنا بمفاهيم ومقولات العولمة والموقف منها، بين مواجهتها كغزو، وبين مستسلم لها وبين متعايش معها!
هنا لابد من القول فعلاً أن مجتمع المعلومات يتحول بسهولة إلى مجتمع معولم..العولمة طالما كانت تصب في أحد جوانبها في أهداف التنمية الوطنية نقول لها أهلا وسهلا كالتكنولوجيا الحديثة التي يعتبرها البعض جزءاً من العولمة فأهلاً وسهلا ًبها. ولكن متى نقف بوجه العولمة؟ ففي موضوع المحتوى مثلا نقف بوجه العولمة عندما تصبح وسيلة لتهديد الهوية الوطنية..وتهديد الاستقلال.
لكن المحتوى العربي المتوفر على الشبكة حالياً غير قادر على مواجهة العولمة!
هنا تكمن أهمية المؤتمر..لأن المحتوى العربي المتوفر الآن ضعيف إلى درجة مذهلة. ولا يعكس هوية الثقافة العربية..هناك جهود مشتتة ومبعثرة..الخشية أنه إذا استمررنا على هذا الحال أن تتعمق الهوة وتزداد الفجوة الرقمية وهذا ما نعاني منه يوميا.
إذا ما دور المؤتمر في إنتاج المحتوى؟
ليس هناك دور للمؤتمر في إنتاج المحتوى..ومن سينتج المحتوى هي الجهات المعنية بإنتاج المحتوى..المؤتمر يسعى إلى التعريف بمفهوم المحتوى أولا، وثانيا إلى الإشارة إلى مدى خطورته، وإلى كونه الآن عاملاً أساسياً في مجتمع المعلومات وينبغي أن نبدأ من الآن لمواكبة التحول إلى مجتمع المعلومات بتنمية المحتوى الوطني. وثالثا التأكيد على أن صناعة المحتوى هي صناعة من الصناعات ولها قيمتها المضافة وينبغي أن نبدأ بتلمس وبتأمين البنى المناسبة لتطوير هذا النوع من الصناعة. دون تطوير صناعة لإنتاج محتوى رقمي وطني سنكون فعلا عرضة لمحتويات تأتينا من جهات قد لا نرغب بأن تكون هي مصدر المعلومات عنا.
وهنا تبدو قضية صناعة المحتوى الرقمي الوطني موضوعاً مصيرياً، وقضية وطنية بامتياز، فهي ليست قضية أكاديمية أو قضية درسية أو نظرية بحتة قطعا. لهذا أسمينا المؤتمر بالمؤتمر الوطني الأول لصناعة المحتوى الرقمي العربي..وتقصدنا كل كلمة فيه..لأن في المحتوى الرقمي لدينا كتابات نظرية كثيرة وجيدة وأدبيات مهمة لكن ما نحتاجه هو صناعة المحتوى، وليس الحديث حول وعن المحتوى. فإذا لم تنتج المحتوى الخاص بك ولوطنك لن تجد من ينتجه لك إلا أنت..أبناء الوطن هم من ينتجون المحتوى الخاص بهم والذي يلبي طموحاتهم ويتناسب معك.
ماذا عن الأبعاد غير الرقمية للمحتوى الوطني؟
هناك أبعاد كبيرة ومتعددة ..ونحن في المؤتمر نفصل في كل منها. ..هناك الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية..وفي المحتوى الإعلامي يجب أن نلفت إلى أنه لا يقتصر على المواقع الإخبارية أو الصحف ، إنما هناك المواد التلفزيونية والمواد الإذاعية من دراما وبرامج ومواد ترفيهية، وهنا أحب أن أقف عند تجربة تبلورت وهي في طور العمل. تقوم التجربة على رقمنة كل أرشيف الإذاعة والتلفزيون في سورية منذ بداياتها لتشكل جزءا من المحتوى الرقمي على الشبكة، وهذا همّ وطني تسعى وزارة الإعلام للعمل عليه.
يتوجه المؤتمر نحو صناعة المحتوى..وهنا لابد من السؤال عن مدى حضور الجمهور كمتلقٍ لهذا المحتوى..هل تمت دراسة احتياجاته لتكون الصناعة موجهة نحو هدف واضح؟
ما نسعى إليه هو صناعة محتوى ينبع من واقعنا وبالتالي تلقائيا يتوجه إلى جمهورنا لأنه نابع أساسا من الواقع، المحتوى لا معنى له إذا لم يكن قريبا من الإنسان الذي يبحث عنه.
ما دور القطاع الخاص في إنتاج المحتوى الرقمي؟
من دون مساهمة القطاع الخاص يستحيل صناعة محتوى رقمي بالمعنى الصناعي، ومع اعتماد اقتصاد السوق الاجتماعي في عمل الدولة فإن من الطبيعي أن تكون حصة القطاع الخاص أساسية.
كيف يمكن للمحتوى الرقمي أن يكون له دور في تنشيط الاقتصاد؟
بكل بساطة عندما نتحدث عن المحتوى الرقمي فإننا نتحدث عن مادة أو سلعة قابلة للتداول بين أكبر كم من المستخدمين، لأن المحتوى الرقمي وشبكة الإنترنت يساعداننا في الحصول على المادة الرقمية بأسرع وقت وبأيسر السبل ومن مصادرها المباشرة. فعندما نضع أرشيف الإذاعة على الشبكة كمحتوى رقمي،هناك من سيطلب استخدام هذه المادة أو تلك وبالتالي سيدفع ثمنها بحصوله على نسخة للاستخدام الشخصي أو المؤسساتي، وهذا سينشط التجارة الإلكترونية وستؤمن لي مردودا ماديا. وهنا يكون البعد الاقتصادي وأحد أبعاد مساهمة المحتوى الرقمي في التنمية. بالإضافة إلى الجوانب الأخرى من ثقافية واجتماعية و..و..لكن بالأساس أنا حولت المادة الموجودة في المستودعات إلى سلعة رقمية ولها مستهلك. أي مادة لم تصبح صناعة داخل الحقل الاقتصادي إلا بعد رقمنتها..وهذا ما نريد أن نؤكد عليه.
.لدينا محتوى حاليا هائل لا يتم استثماره ولن يتم استثماره ما لم يصبح محتوى رقميا..هذا هو دور المؤتمر في تحفيز الجهود للعمل بهذه الاتجاهات.
..فالسلسلة المكونة من صناعة المادة بتحويلها إلى محتوى رقمي فسلعة فاستثمار فمردود ..هو ما نسعى لتوضيح جوانبه المتعددة في المؤتمر من خلال بدء الحديث عن الموضوع..لهذا أسميناه المؤتمر الأول أي أننا بدأنا بداية لابد لها من استكمال واستمرار ومتابعة..
هذه المهمة ليست مقتصرة على الجانب المحلي ..ماذا عن تكامل الجهود مع الدول العربية..والتشاركية مع جهات غير سورية، وخاصة أن المؤتمر يستضيف خبرات عربية هامة في هذا الجانب؟
هذا موضوع هام، لأن ما يميز الوطن العربي في أحد جوانبه الهامة هو اللغة المشتركة، على عكس الاتحاد الأوروبي الذي يعاني من تعدد اللغات، لذلك فإن صناعة المحتوى لدى الاتحاد الأوروبي غير واضحة بشكل ملموس ومباشر.
هم يريدون أن يرقمنوا ثقافتهم وتراثهم أما عندما فيريدون استثمار ذاك المحتوى على المستوى الاقتصادي وإنهم يصطدمون بحاجز اللغة، بينما نحن العرب فإن السوق العربية ممتدة وجاهزة أمام أي سلعة دون وجود حاجز اللغة. وهذه نعمة لا يدركها إلا المحروم منها.
وإذا قرأنا عنوان المؤتمر فهو المؤتمر الوطني الأول للمحتوى الرقمي العربي، أي أننا لا يمكن أن نفصل المحتوى الوطني عن المحتوى العربي، وإذا عدنا إلى الجانب الاقتصادي فأي صناعة لا يمكن أن تثبت وتستمر إلا إذا تم تسويقها على الوطن العربي بكامله، وهنا تكمن أهمية الصناعة وأهمية المحتوى العربي.
وإذا لاحظنا الكم الكبير في الثقافة العربية مثلا من أدب وتراث فإنه يستحيل أن تقوم به جهة عربية واحدة لذلك لابد من تعاون الحكومات العربية كافة بالضرورة ليكون العمل مثمرا. ونحن في سورية بلد العروبة ومنبع الفكر القومي حري بنا أن نكون مثالا في توحيد الجهود.ومثالا يحتذى في بناء محتوى عربي.
ما المرجعيات التي يستند إليها المؤتمر؟
أهم المرجعيات التي انطلق منها المؤتمر هي مقررات وتوصيات القمة العالمية حول مجتمع المعلومات (جنيف 2002 – تونس 2005). وقرارات مجلسي وزراء الإعلام ووزراء الاتصالات العرب فيما يخصّ المحتوى الرقمي العربي في نهاية الاجتماع المشترك لمجلسيهما، الذي عُقد في دمشق في شهر تشرين الثاني 2008. وورقة عمل فريق خبراء الاتصالات والإعلام العرب الذي تم تشكيله من الاجتماع المشترك لمجلسي وزراء الاعلام والاتصالات العرب برئاسة سورية.
ماذا بعد انتهاء المؤتمر؟
نحن نسعى لتلمس الطريق ونأمل أن تكون بداية مشجعة للجميع لإدراك أهمية الجانب الاقتصادي في صناعة المحتوى الرقمي، وهناك أوراق بحث مبشرة قدمت للمؤتمر من طلاب سوريين في جامعاتنا تنم عن إحساس عال بالمسؤولية والجدية العلمية. لكن الأوراق التي تبحث في جانب الصناعة لا تزال قليلة..على أمل أن يلفت المؤتمر النظر إلى هذا الجانب.
إلى أي درجة هناك تجاوب من القطاع الخاص؟
نحن بذلنا كل الجهود الممكنة لكن التجاوب ليس على قدر الطموح. وما نخشاه هو أن الفعاليات الاقتصادية لا تكون حتى الآن مدركة تماما مدى مساهمة المحتوى الاقتصادي في خلق قيمة مضافة للسلعة أو تفتح أسواقا أو تكون مجالا في الاستثمار، ما نأمله هو أن تبدأ الفعاليات الاقتصادية بدراسة مجالات الاستثمار في صناعة المحتوى الرقمي. هذه صناعة حقيقية تتطلب إمكانيات كبيرة لكن إذا فكرنا بالجدوى المستقبلية استثماريا ستكون النتائج إيجابية.
ألا تعتقد أن الاهتمام بالمستقبل مرتبط بمدى فهمنا لأهمية المحتوى الرقمي؟
حقيقة الانتقال إلى مجتمع المعرفة الذي تشكل المعلومات مكونا أساسيا فيه لم يعد خيارا، وإذا لم ننتقل إلى المحتوى الرقمي سوف نضيع، هناك ضياع لكل شيء اسمه نمو ولكل شيء اسمه الهوية الوطنية.
في المستقبل القريب لايمكن لأي مشروع تنموي أن يستمر دون محتوى رقمي.
الآن بوجود الكم الهائل من المعلومات إذا لم تتم الاستفادة منها فأنت على هامش النمو والتطور، ولكي تستفيد منها لابد من تصنيفها وتبويبها،
الآن أصبح التبويب مستحيلاً بشكله غير الرقمي.
لنأخذ مثالا البحث عن شركة معينة في العالم ..الآن البحث الورقي فضلا عن كونه غير متوفر فهو مستحيل أمام هذا الكم الهائل من الشركات،والزمن لا ينتظر. المحتوى الرقمي يساعدك بالوصول إلى أي معلومة بثوان. هذا جانب وهناك جانب آخر هو أن أي صناعة لا يمكن أن تستمر في المستقبل ما لم تعرف ماذا يجري عليها في العالم، وهذا رهان. أي صناعة تريد أن تكون حاضرة في المستقبل.
ببساطة ووضوح ما المردودية المباشرة بالنسبة لقارئ يسمع للمرة الأولى بـ (المحتوى الرقمي)؟
هو أن يأخذ موضوع المحتوى دوره بذهنية الإنسان ويعي مفهومه بحد ذاته كمحتوى رقمي وارتباطه بشكل مباشر بمجتمع اسمه مجتمع المعلومات، فالإمكانات التقنية الهائلة التي وفرتها ثورة الاتصالات والمعلومات كيف يمكن الاستفادة منها لأقصى حد في برامج التنمية؟ هذا لا يمكن دون محتوى رقمي. وإذا لم يتوفر المحتوى فأنت بعيد عن كل منجزات التطور التي لايمكن للعالم أن يعيش دونها، وإذا ما رغبت بذلك فالعالم يتجه بقوة نحو الأمام وأنت تراوح مكانك.
والعيش في القرن الحادي والعشرين دون توظيف للمحتوى الرقمي هو أشبه بحياة القبائل البدائية. وإذا كنا نتحدث عن مجتمع المعرفة ..مجتمع المعلومات فأول شروط الحياة فيه أن تكون لك مساهمتك الفاعلة فيه وإلا تحولت إلى قشة في مهب الريح..هذه الأيام وحتى الخامس عشر من الشهر الجاري تنعقد في دمشق برعاية الدكتورة نجاح العطار نائب رئيس الجمهورية العربية السورية وبتنظيم من وزارتي الإعلام، والاتصالات والتقانة، والجمعية العلمية السورية للمعلوماتية، وبالتعاون مع اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم؛ أعمال (المؤتمر الوطني الأول لصناعة المحتوى الرقمي العربي)..
في الحوار التالي يوضح المهندس نبيل الدبس معاون وزير الإعلام كل كلمة في عنوان المؤتمر.)
بداية لنتحدث عن الطموحات التي على أساسها تم رسم خريطة المؤتمر وأفقه أو استراتيجيته؟
المؤتمر يسعى إلى تلمس ملامح استراتيجية وطنية أو خطة وطنية..ولا ينطلق من استراتيجية مسبقة أو موجودة. نحن متواضعون بهذا المجال، ولا نبني قصورا في الرمل..نتمنى أن نحقق حداً أدنى من التنسيق ..الآن كل جهة تعمل منفردة على إنتاج ما يشبه المحتوى الرقمي..قد لا يكون هو المعيار الحقيقي، هو محتوى رقمي بالشكل المطلوب، ولكن أيا كان فهو جهد مبذول ويصب بشكل أو بآخر في صناعة محتوى رقمي، الآن نحن نشجع كل أشكال صناعة المحتوى الرقمي أيا كانت مستوياته. لكن ما نسعى إليه ألا تبقى الأمور بهذا الشكل المشتت على المستوى الوطني، المطلوب هو أن يكون هنالك خط عريض ..سمّه خطة ..سمّه استراتيجية..يجمع هذه الجهود مع بعضها أولا: ضمن رؤيا واضحة وبالتالي يتلمس أهدافاً معينة تصب كلها في مصالح التنمية بكل أشكالها وألوانها وهذا هو الهدف الأساسي المرجو بالنهاية. وثانيا هو إيجاد معايير مشتركة لأنه إذا كان كل فرد يصنع محتوى وفق معايير خاصة من الصعب التشارك في المحتوى، فلابد من حد أدنى من المعايير المشتركة.
أي ضبط المصطلحات لتكون هناك لغة مشتركة في إنتاج المحتوى؟
الموضوع مختلف..عندما نريد صناعة محتوى رقمي لمادة ما أو رقمنتها، قد تستخدم أسلوباً تقنياً معيناً يختلف عن الطريقة التي يرقمن بها صانع محتوى شبيه لكن بطريقة مختلفة، وبالتالي هناك صعوبة في التشارك في المحتوى لغياب التوافق، لأن المعايير مختلفة. لذلك لابد من ضبط المعايير..
ألا توجد معايير دولية بهذا الشأن؟
توجد معايير دولية بشكل أو بآخر.ولكن لابد من توحيد الجهود والاتفاق على معايير محددة واعتمادها في الخطة الشاملة..وهذا المبدأ شرط أساسي في كل صناعة..والأجدى أن نطبقها على صناعة المحتوى الرقمي لا أن تبقى الأمور مشتتة..فالطموح أن نوحد الجهود للوصول إلى رؤيا مشتركة..لأن صناعة المحتوى هو مفهوم تشاركي بامتياز..تشارك فيه كل الفعاليات وكل الجهات التي يمكنها أن تنتج معرفة أو تنتج خدمة أو حتى تنتج برمجيات لإدارة هذا المحتوى.
إلى أي حد يدخل الأفراد في المشاركة بهذه الرؤيا..خاصة أن الفرد أصبح منتجا للمحتوى الرقمي على شبكة الانترنت؟
المحتوى الالكتروني يعود في جزء منه فعلا إلى جهود فردية، فمثلا المدونات التي يضرب بها المثل..لكن المدونات إلى أي حد هذه المدونات هي جزء من المحتوى أم لا؟ هذا الموضوع مطروح للبحث. هناك اتجاه يقول إن المدونات شكل من أشكال المحتوى، لكن هناك اتجاه يقول بأن المدونات قضايا عشوائية شخصية، وإذا صبت في المحتوى فهي ليست عنصرا أساسيا..نحن نرحب بأي شكل من أشكال صناعة المحتوى لكن لايهمنا المحتوى بحد ذاته..ما يهمنا هو المحتوى في سبيل التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في القطر.
أين موقع الناس في هذا المحتوى؟
ما يعنينا بشكل مباشر المحتوى الذي ينبع من واقع الناس والوطن ويصب في مصلحة الوطن. لأن الحديث عن المحتوى على إطلاقه حديث يقودنا إلى أشكال وألوان من المحتوى بعضها ضار.هذا هو الخط العام للمؤتمر..
ما علاقة طموح المؤتمر بقانون الإعلام الالكتروني..؟
لا علاقة بينهما..لأن موضوع المحتوى الرقمي العربي موضوع لم نخترعه نحن..وهو موضوع دولي ويهم كل مجتمع..الموضوع بالنسبة لنا هو أن المحتوى هو التحدي الأعظم في مجتمع اسمه مجتمع المعلومات..فالآن بعد أن استقر التطور التقني وأخذ شكله الأوضح إلى حد ما بدأ العالم يتبين ملامح وخلفيات وأبعاد وتفاصيل هذا المجتمع الجديد..حيث تبين أن ثورة الاتصالات والمعلومات هي أدوات بالشكل الأخير
(مقاطعاً) أدوات فقط أليس في هذا تبسيط مبالغ فيه؟
هي أدوات..لكنها أدوات لتسويق شيء ما..فائدتها كأدوات جدا محدودة إذا لم يكن هناك محتوى..لنأخذ مثلاً الأقنية الفضائية...التكنولوجيا وفرت وسائل النقل والاتصال بشكل مذهل..لكن إذا لم يكن هناك مادة..أي نوع من المحتوى..دراما ..ترفيه، أغان أخبار ..وثائقيات..لا يمكن الحديث عن أقنية فضائية أو بث فضائي. وهنا لابد من التوضيح بأن ما نقصده بالمحتوى الالكتروني ليس المحتوى الإعلامي فقط..المحتوى الإعلامي جزء من المحتوى الإلكتروني..فالتعليم عن بعد هو محتوى إلكتروني..النتاج الثقافي والتأريخي..الحضاري..هي أجزاء من المحتوى..المحتوى هو كل النتاج المعرفي للوطن بكافة أشكاله..
هذا ينطبق على كل الأمم ..إذاً أين نحن من هذا الكم الهائل من المعلومات المتدفقة من جهات الأرض المختلفة؟
هنا بالضبط تأتي أهمية المؤتمر لأن صناعة المحتوى الرقمي هو الدفاع عن، والحفاظ على الهوية في مواجهة السيل العارم من المعلومات من كل جهة من العالم..هذا هو البعد الوطني والحضاري لصناعة المحتوى الرقمي العربي. فخطورة الأمر تكمن في أن الثورة الرقمية عابرة للحدود والأوطان والثقافات.فضمن هذا الكم الهائل من المعلومات إذا لم يكن لديك رؤيا فأنت ستضيع هويتك وتضيع مواطنيتك وتضيع ثقافتك وتضيع تراثك.. الآن المجتمع ينتقل إلى مجتمع المعلومات ..هذا المجتمع له قواعده، على الأقل هناك شروط جديدة بدأت تحكم المجتمع الجديد ينبغي أن أكون مؤهلاً لها..أن أكون على مستواها، وفي الوقت نفسه يجب أن أجد نفسي ضمنها وأن أحافظ على هويتي في هذا المجتمع..
هذا يذكرنا بمفاهيم ومقولات العولمة والموقف منها، بين مواجهتها كغزو، وبين مستسلم لها وبين متعايش معها!
هنا لابد من القول فعلاً أن مجتمع المعلومات يتحول بسهولة إلى مجتمع معولم..العولمة طالما كانت تصب في أحد جوانبها في أهداف التنمية الوطنية نقول لها أهلا وسهلا كالتكنولوجيا الحديثة التي يعتبرها البعض جزءاً من العولمة فأهلاً وسهلا ًبها. ولكن متى نقف بوجه العولمة؟ ففي موضوع المحتوى مثلا نقف بوجه العولمة عندما تصبح وسيلة لتهديد الهوية الوطنية..وتهديد الاستقلال.
لكن المحتوى العربي المتوفر على الشبكة حالياً غير قادر على مواجهة العولمة!
هنا تكمن أهمية المؤتمر..لأن المحتوى العربي المتوفر الآن ضعيف إلى درجة مذهلة. ولا يعكس هوية الثقافة العربية..هناك جهود مشتتة ومبعثرة..الخشية أنه إذا استمررنا على هذا الحال أن تتعمق الهوة وتزداد الفجوة الرقمية وهذا ما نعاني منه يوميا.
إذا ما دور المؤتمر في إنتاج المحتوى؟
ليس هناك دور للمؤتمر في إنتاج المحتوى..ومن سينتج المحتوى هي الجهات المعنية بإنتاج المحتوى..المؤتمر يسعى إلى التعريف بمفهوم المحتوى أولا، وثانيا إلى الإشارة إلى مدى خطورته، وإلى كونه الآن عاملاً أساسياً في مجتمع المعلومات وينبغي أن نبدأ من الآن لمواكبة التحول إلى مجتمع المعلومات بتنمية المحتوى الوطني. وثالثا التأكيد على أن صناعة المحتوى هي صناعة من الصناعات ولها قيمتها المضافة وينبغي أن نبدأ بتلمس وبتأمين البنى المناسبة لتطوير هذا النوع من الصناعة. دون تطوير صناعة لإنتاج محتوى رقمي وطني سنكون فعلا عرضة لمحتويات تأتينا من جهات قد لا نرغب بأن تكون هي مصدر المعلومات عنا.
وهنا تبدو قضية صناعة المحتوى الرقمي الوطني موضوعاً مصيرياً، وقضية وطنية بامتياز، فهي ليست قضية أكاديمية أو قضية درسية أو نظرية بحتة قطعا. لهذا أسمينا المؤتمر بالمؤتمر الوطني الأول لصناعة المحتوى الرقمي العربي..وتقصدنا كل كلمة فيه..لأن في المحتوى الرقمي لدينا كتابات نظرية كثيرة وجيدة وأدبيات مهمة لكن ما نحتاجه هو صناعة المحتوى، وليس الحديث حول وعن المحتوى. فإذا لم تنتج المحتوى الخاص بك ولوطنك لن تجد من ينتجه لك إلا أنت..أبناء الوطن هم من ينتجون المحتوى الخاص بهم والذي يلبي طموحاتهم ويتناسب معك.
ماذا عن الأبعاد غير الرقمية للمحتوى الوطني؟
هناك أبعاد كبيرة ومتعددة ..ونحن في المؤتمر نفصل في كل منها. ..هناك الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية..وفي المحتوى الإعلامي يجب أن نلفت إلى أنه لا يقتصر على المواقع الإخبارية أو الصحف ، إنما هناك المواد التلفزيونية والمواد الإذاعية من دراما وبرامج ومواد ترفيهية، وهنا أحب أن أقف عند تجربة تبلورت وهي في طور العمل. تقوم التجربة على رقمنة كل أرشيف الإذاعة والتلفزيون في سورية منذ بداياتها لتشكل جزءا من المحتوى الرقمي على الشبكة، وهذا همّ وطني تسعى وزارة الإعلام للعمل عليه.
يتوجه المؤتمر نحو صناعة المحتوى..وهنا لابد من السؤال عن مدى حضور الجمهور كمتلقٍ لهذا المحتوى..هل تمت دراسة احتياجاته لتكون الصناعة موجهة نحو هدف واضح؟
ما نسعى إليه هو صناعة محتوى ينبع من واقعنا وبالتالي تلقائيا يتوجه إلى جمهورنا لأنه نابع أساسا من الواقع، المحتوى لا معنى له إذا لم يكن قريبا من الإنسان الذي يبحث عنه.
ما دور القطاع الخاص في إنتاج المحتوى الرقمي؟
من دون مساهمة القطاع الخاص يستحيل صناعة محتوى رقمي بالمعنى الصناعي، ومع اعتماد اقتصاد السوق الاجتماعي في عمل الدولة فإن من الطبيعي أن تكون حصة القطاع الخاص أساسية.
كيف يمكن للمحتوى الرقمي أن يكون له دور في تنشيط الاقتصاد؟
بكل بساطة عندما نتحدث عن المحتوى الرقمي فإننا نتحدث عن مادة أو سلعة قابلة للتداول بين أكبر كم من المستخدمين، لأن المحتوى الرقمي وشبكة الإنترنت يساعداننا في الحصول على المادة الرقمية بأسرع وقت وبأيسر السبل ومن مصادرها المباشرة. فعندما نضع أرشيف الإذاعة على الشبكة كمحتوى رقمي،هناك من سيطلب استخدام هذه المادة أو تلك وبالتالي سيدفع ثمنها بحصوله على نسخة للاستخدام الشخصي أو المؤسساتي، وهذا سينشط التجارة الإلكترونية وستؤمن لي مردودا ماديا. وهنا يكون البعد الاقتصادي وأحد أبعاد مساهمة المحتوى الرقمي في التنمية. بالإضافة إلى الجوانب الأخرى من ثقافية واجتماعية و..و..لكن بالأساس أنا حولت المادة الموجودة في المستودعات إلى سلعة رقمية ولها مستهلك. أي مادة لم تصبح صناعة داخل الحقل الاقتصادي إلا بعد رقمنتها..وهذا ما نريد أن نؤكد عليه.
.لدينا محتوى حاليا هائل لا يتم استثماره ولن يتم استثماره ما لم يصبح محتوى رقميا..هذا هو دور المؤتمر في تحفيز الجهود للعمل بهذه الاتجاهات.
..فالسلسلة المكونة من صناعة المادة بتحويلها إلى محتوى رقمي فسلعة فاستثمار فمردود ..هو ما نسعى لتوضيح جوانبه المتعددة في المؤتمر من خلال بدء الحديث عن الموضوع..لهذا أسميناه المؤتمر الأول أي أننا بدأنا بداية لابد لها من استكمال واستمرار ومتابعة..
هذه المهمة ليست مقتصرة على الجانب المحلي ..ماذا عن تكامل الجهود مع الدول العربية..والتشاركية مع جهات غير سورية، وخاصة أن المؤتمر يستضيف خبرات عربية هامة في هذا الجانب؟
هذا موضوع هام، لأن ما يميز الوطن العربي في أحد جوانبه الهامة هو اللغة المشتركة، على عكس الاتحاد الأوروبي الذي يعاني من تعدد اللغات، لذلك فإن صناعة المحتوى لدى الاتحاد الأوروبي غير واضحة بشكل ملموس ومباشر.
هم يريدون أن يرقمنوا ثقافتهم وتراثهم أما عندما فيريدون استثمار ذاك المحتوى على المستوى الاقتصادي وإنهم يصطدمون بحاجز اللغة، بينما نحن العرب فإن السوق العربية ممتدة وجاهزة أمام أي سلعة دون وجود حاجز اللغة. وهذه نعمة لا يدركها إلا المحروم منها.
وإذا قرأنا عنوان المؤتمر فهو المؤتمر الوطني الأول للمحتوى الرقمي العربي، أي أننا لا يمكن أن نفصل المحتوى الوطني عن المحتوى العربي، وإذا عدنا إلى الجانب الاقتصادي فأي صناعة لا يمكن أن تثبت وتستمر إلا إذا تم تسويقها على الوطن العربي بكامله، وهنا تكمن أهمية الصناعة وأهمية المحتوى العربي.
وإذا لاحظنا الكم الكبير في الثقافة العربية مثلا من أدب وتراث فإنه يستحيل أن تقوم به جهة عربية واحدة لذلك لابد من تعاون الحكومات العربية كافة بالضرورة ليكون العمل مثمرا. ونحن في سورية بلد العروبة ومنبع الفكر القومي حري بنا أن نكون مثالا في توحيد الجهود.ومثالا يحتذى في بناء محتوى عربي.
ما المرجعيات التي يستند إليها المؤتمر؟
أهم المرجعيات التي انطلق منها المؤتمر هي مقررات وتوصيات القمة العالمية حول مجتمع المعلومات (جنيف 2002 – تونس 2005). وقرارات مجلسي وزراء الإعلام ووزراء الاتصالات العرب فيما يخصّ المحتوى الرقمي العربي في نهاية الاجتماع المشترك لمجلسيهما، الذي عُقد في دمشق في شهر تشرين الثاني 2008. وورقة عمل فريق خبراء الاتصالات والإعلام العرب الذي تم تشكيله من الاجتماع المشترك لمجلسي وزراء الاعلام والاتصالات العرب برئاسة سورية.
ماذا بعد انتهاء المؤتمر؟
نحن نسعى لتلمس الطريق ونأمل أن تكون بداية مشجعة للجميع لإدراك أهمية الجانب الاقتصادي في صناعة المحتوى الرقمي، وهناك أوراق بحث مبشرة قدمت للمؤتمر من طلاب سوريين في جامعاتنا تنم عن إحساس عال بالمسؤولية والجدية العلمية. لكن الأوراق التي تبحث في جانب الصناعة لا تزال قليلة..على أمل أن يلفت المؤتمر النظر إلى هذا الجانب.
إلى أي درجة هناك تجاوب من القطاع الخاص؟
نحن بذلنا كل الجهود الممكنة لكن التجاوب ليس على قدر الطموح. وما نخشاه هو أن الفعاليات الاقتصادية لا تكون حتى الآن مدركة تماما مدى مساهمة المحتوى الاقتصادي في خلق قيمة مضافة للسلعة أو تفتح أسواقا أو تكون مجالا في الاستثمار، ما نأمله هو أن تبدأ الفعاليات الاقتصادية بدراسة مجالات الاستثمار في صناعة المحتوى الرقمي. هذه صناعة حقيقية تتطلب إمكانيات كبيرة لكن إذا فكرنا بالجدوى المستقبلية استثماريا ستكون النتائج إيجابية.
ألا تعتقد أن الاهتمام بالمستقبل مرتبط بمدى فهمنا لأهمية المحتوى الرقمي؟
حقيقة الانتقال إلى مجتمع المعرفة الذي تشكل المعلومات مكونا أساسيا فيه لم يعد خيارا، وإذا لم ننتقل إلى المحتوى الرقمي سوف نضيع، هناك ضياع لكل شيء اسمه نمو ولكل شيء اسمه الهوية الوطنية.
في المستقبل القريب لايمكن لأي مشروع تنموي أن يستمر دون محتوى رقمي.
الآن بوجود الكم الهائل من المعلومات إذا لم تتم الاستفادة منها فأنت على هامش النمو والتطور، ولكي تستفيد منها لابد من تصنيفها وتبويبها،
الآن أصبح التبويب مستحيلاً بشكله غير الرقمي.
لنأخذ مثالا البحث عن شركة معينة في العالم ..الآن البحث الورقي فضلا عن كونه غير متوفر فهو مستحيل أمام هذا الكم الهائل من الشركات،والزمن لا ينتظر. المحتوى الرقمي يساعدك بالوصول إلى أي معلومة بثوان. هذا جانب وهناك جانب آخر هو أن أي صناعة لا يمكن أن تستمر في المستقبل ما لم تعرف ماذا يجري عليها في العالم، وهذا رهان. أي صناعة تريد أن تكون حاضرة في المستقبل.
ببساطة ووضوح ما المردودية المباشرة بالنسبة لقارئ يسمع للمرة الأولى بـ (المحتوى الرقمي)؟
هو أن يأخذ موضوع المحتوى دوره بذهنية الإنسان ويعي مفهومه بحد ذاته كمحتوى رقمي وارتباطه بشكل مباشر بمجتمع اسمه مجتمع المعلومات، فالإمكانات التقنية الهائلة التي وفرتها ثورة الاتصالات والمعلومات كيف يمكن الاستفادة منها لأقصى حد في برامج التنمية؟ هذا لا يمكن دون محتوى رقمي. وإذا لم يتوفر المحتوى فأنت بعيد عن كل منجزات التطور التي لايمكن للعالم أن يعيش دونها، وإذا ما رغبت بذلك فالعالم يتجه بقوة نحو الأمام وأنت تراوح مكانك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق