الثلاثاء، 12 مايو 2009

المواقع الإلكترونية السورية حضور ملموس ونقصان واضح



2009-05-13

بعيداً عن الخوض القديم المتجدد في مشكلات خدمة الإنترنت ومشكلات الرقابة والإعلام والحجب وما بينها ودون التشدق بأرقام مريبة مجهولة المصدر عن عدد المواقع والمزودين والمستخدمين، فإن المرتاد لمجموعة من الموقع الاخبارية الإلكترونية لن يتأخر عن ملاحظة معالم التبدل في المشهد السوري بحركات متسارعة ولكن متشابهة.لا شك في أن تزايد عدد المواقع السورية بشكل عام له دلالاته ومؤشراته الإيجابية المتعلقة بارتفاع نسبة مستخدمي الإنترنت، وأن المواقع الإخبارية بشكل خاص أصبحت وسيلة لقياس الرأي العام واستقبال التغذية الراجعة كتطبيق عملي للإعلام التفاعلي الذي لا يتيحه عادة الإعلام المطبوع إلا بحدود ضيقة، حتى إن بعض التعليقات تتحول هي نفسها إلى خبر وتشعل فتيل الإثارة الذي لم يلهبه الخبر الأساسي، وربما تجدر الإشارة إلى ما حققته المواقع الإخبارية- عن قصد أو عن غير قصد- في جذب شرائح جديدة، شبابية في معظمها، لمتابعة الأخبار والأحداث المحلية والعالمية.ولعله بدأت مؤخراً عملية بطيئة لتوجيه الاستخدام من خلال ظهور مواقع رسمت لنفسها خطط وتوجهات التخصص فاختارت مجالها وهيئتها لتبرز، دون عناء في التمحيص والتدقيق، على أنها مواقع إخبارية متخصصة. ومنها في مجال الاقتصاد على سبيل المثال موقع Syrian days وموقع Syria steps حيث تجد أخبار النفط والطاقة والمصارف وشركات التأمين وأخبار السوق والسياحة والسفر متصدرة ومبوبة.على حين اختارت مواقع أخرى أن تنبض بالنفس الشبابي مثل موقع نوبلز نيوز أو موقع عكس السير حيث تجد إفراداً لقضايا الشباب والطلبة، وتحظى اهتمامات الفئة العمرية الفتية بالمتابعة والإبراز كعرض مجموعة من مقاطع الفيديو متنوعة الموضوعات.وقد تكون لمواقع إخبارية أخرى طريقتها في التميز وربط الزائرين بها لحملهم على زيارتها مجدداً، ومن أبرز الطرق التي اعتمدتها مجموعة كبيرة من المواقع تخصيص زاوية يومية أو أسبوعية لمقال رئيس التحرير أو لمقال أهم الضيوف، ففي موقع شام برس تطالع الزائر كل اثنين مادة بقلم الدكتورة بثينة شعبان وتعلو الصفحة الرئيسية من يوم لآخر افتتاحية رئيس التحرير علي جمالو وقد تمت أرشفة مقالاتهما ليتسنى لمتابعيهما وقرائهما العودة إلى ما كتبوا وإن كان على صفحات إلكترونية.وفي أسلوب مماثل لمتابعين من نوع آخر يخصص موقع داماس بوست صباح كل ثلاثاء مساحة جيدة لفتح الصندوق الأسود من قبل الصحفي محمد منصور حيث يتناول الوسط الإعلامي والفني بالنقد والتعليق مستهدفاً كل ما فيهما من أعمال وإنتاج ومشكلات وعلاقات وحتى إشاعات.وقد يكون من أحدث المتبعين لهذا الأسلوب في الجذب ولفت الانتباه الموقع الجديد محطة أخبار سورية sns حيث نجد تحت نافذة رأي البلد مجموعة من المقالات المكتوبة من قبل إدارة الموقع أو أصدقائه والرامية بشكل أساسي إلى إصابة أكثر الموضوعات تداولاً على المستوى الشعبي بدءاً بالتغيير الحكومي وليس انتهاء بقصص الفساد.مواقع أخرى اختارت لنفسها وسائل مغايرة لضمان المتابعة كأن تكون السباقة في نشر الحوادث المحلية من سرقة وقتل وانتحار وغيره مثيرة فضول القراء ومخاوفهم وشغفهم الطبيعي بأخبار الإثارة، ومنها على سبيل المثال موقع سيريا نيوز الذي يولي في الوقت نفسه عناية خاصة لمشاركات الراغبين تحت باب واسع باسم مساهمات القراء.بالطبع لن أسهب في تعداد المواقع الإخبارية السورية واحداً واحداً واستعراض مزاياها وتخصصاتها ولكن لن أقفز أيضاً فوق عثراتها وسأجملها بنقاط عامة تنطبق على معظمها دون حصر أو تحديد.حيث يعاني معظم هذه المواقع من ضعف شبكات المراسلين والصحفيين، فالأولون نادرون في المحافظات والباقون يقتصر جل عملهم على البحث في الإنترنت عن الأخبار المهمة أو اللافتة لقصها ولصقها في الموقع ما يجعل الموضوعات متناقلة ومكرورة، وتعود مصادر الأخبار الرئيسية والمهمة في مجملها إلى وكالة الأنباء السورية سانا أو إلى وكالات أنباء عالمية.وغالباً ما نجد هذه الأخبار بحرفيتها في أكثر من موقع أي إنه حتى الخبر المنقول لا يعاد تحريره بل ينسخ بالصياغة والأسلوب نفسيهما وأحياناً العنوان نفسه دون رفده بخلفيات خبرية أو معلوماتية، ويزحف من وكالة إلى موقع، ومن موقع إلى موقع ببلادة تقتل أفضل الأخبار وأقواها، الأمر الذي بات يستدعي الانتباه والاستدراك السريع للخروج من مطب التشابه والتناسخ الذي يفقد المواقع الإخبارية أهميتها وخصوصيتها وتصبح زيارة أحدها كافية لتكوين تصور شامل عنها جميعاً.وفيما عدا المقالات التي تميز بعض المواقع السابق ذكرها، فإن المواد المنشورة بشكل عام تكاد تخلو من أي عمل تحليلي أو تعقيبي وإن كان على أبسط المستويات وإذ بها (المواد) عبارة عن أخبار قصيرة جافة أو تقارير مبتورة غير مكتملة لا تحمل كلماتها أي نكهة ولا يفي مجرد وجودها حق الأنواع الصحفية في التحرير من زاوية وتعليق وتحقيق وتحليل وغيرها.وقد لا ينجو من هذا الركون للسرعة والاستسهال إلا موقع الجمل حيث نجد الحدث غالباً محوطاً بخلفياته وتداعياته حيث يقوم قسم الدراسات والترجمة في الموقع بجهد واضح لجعل الفضاء الإلكتروني فضاء مفتوحاً لعرض نتائج التحليل والقراءات المتأنية كما هو مفتوح للخبر اليومي السريع والعاجل.ومن ناحية ثانية تصادفنا في بعض المواقع مواد أو أخبار أو تغطيات خاصة ولكن كثيراً ما يُسقط عنها اسم محررها أو كاتبها لأسباب مجهولة ويكتفى بذكر اسم الموقع في ذيل المادة متبوعاً بكلمة «خاص». وإدارة الموقع بذلك تحجب أسماء كادرها وتهدر وسائل من شأنها إيضاح هوية الموقع وترمي بمجموعة من إشارات الاستفهام في جعبة القراء والمتابعين.لن أنهي الموضوع دون أن أشير إلى تقصير سافر يلحق بأغلب المواقع التي أطلقت على نفسها صفة الإخبارية الشاملة والمتمثل بضحالة الأخبار الثقافية وهزالها فهي في معظمها لا تتجاوز إعلان بعض الأنشطة أو تغطية خبرية قصيرة لبعضها الآخر، رغم أن الصفحات الإلكترونية قد تكون المنبر الأسهل للنقد الفني والثقافي الحقيقي المفقود، وقد تكون أيضاً الساحة المثلى لممارسة السجال الفكري الضروري لتكون الصحافة، أي صحافة، سامية الأهداف وفاعلة الرسالة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق