السبت، 11 أبريل 2009

مكتبات الرصيف.. ليست مجرد سعر أرخص!!



المصدر : هنادي الخطيب
14/01/2009
تتناثر كتبٌ ومجلات هنا وهناك على أرصفة استعانت بتلك الكتب لتزيينها، وإن كان للزينة علامات فارقة معروفة ومحدَّدة، فقد فرضت "مكتبات الرصيف" زينتها الخاصة بها، لتمتدَّ على مسافة ليست بالصغيرة في عدة أماكن في دمشق، لعل أهمها جسر الرئيس (أمام الجامعة وتحت الجسر) والحلبوني..
ثقافة ميزتها بأسعارها، التي وإن لم تكن بخسة، ولكنها معقولة مقارنة بما يضطرُّ الشخص إلى دفعه في المكتبات العادية، والزبائن بحسب أحد أصحاب هذه البسطات شبه دائمين، عدا عن الأشخاص الذين يلقون نظرة رغم سرعتهم في المشي، ويبدو الرصيف الذي يمتدُّ أمام كلية الحقوق من أكثر الأرصفة ازدحاماً بأنواع كثيرة من الكتب، تتفاوت ما بين روايات لماركيز وجبران خليل جبران، وصولاً إلى كتب الأبراج واعرف شخصيتك..
وبحسب أحد أصحاب البسطات، فإنَّ معظم زبائنه من المثقفين المعروفين، حتى باتت تربطه بهم علاقات مودَّة تبعاً لطول عمر مزاولته لهذه المهنة، وبالطبع أبو محمد يحتفظ بأسرار المهنة لنفسه، ولكنه يخبرنا عن بعضها تجاوزاً قائلاً: "أعرف طبيعة الكتب التي تلفت النظر، ومع مرور الوقت اضطررت لأن أضع بعض الكتب التي لا أحبُّ وجودها عندي ككتب الطبخ والتنجيم وقراءة الكف، ولكن ازدياد الطلب عليها جعلني أبدأ بشرائها من مصادري لعرضها في مكتبتي هذه".
في الحلبوني، هناك مكتبة رصيف طويلة، ومعظم كتبها هي من الكتب الجامعية، وسعرها منخفض قليلاً عن السعر في الجامعة، بحسب ما أشار إليه أحد الشبان الذين يحتفظون بكتبهم الجامعية عن طريق شرائها من رصيف الحلبوني، ويضيف سامر: "طبعاً أجد الكتب القديمة هنا، وغالباً أكون قد نجحت في المادة، ولا أشتري هذه الكتب للدراسة للامتحان، إنما للاحتفاظ بها لما تحويه من معلومات أفضِّل أن تبقى عندي للرجوع إليها في أي وقت".
وأما عن طريقة الحصول على المادة الأساسية لمكتبتهم، فيتحفَّظ أصحاب المكتبات عن ذكرها في البداية، ثم يلقون بمعلومة تكرَّرت عند كل مًن تحدَّثنا معهم؛ أنهم يشترون هذه من مكتبة أحد المثقفين بعد وفاته عن طريق أبنائه أو إخوته، وأحياناً يتلقَّفون هذه الكتب من أشخاص لا يهتمُّون ببعض الأنواع الموجودة لديهم في المنزل، لتبرم مقايضة بينهم كتبديل تلك الأنواع بأنواع أخرى تهمُّهم بشكل أكبر.
لم يفاجئنا وجود بعض المثقفين المعروفين الذين يتصفَّحون بعض المجلات عند واحدة من هذه المكتبات، ويقول أحدهم والذي فضَّل عدم ذكر اسمه: "أجد في هذه البسطات مجلات لم تعد موجودة في المكتبات العادية، كالعربي والناقد وروز اليوسف، ويهمُّني كثيراً أن أقتني الأعداد الكاملة إن استطعت"، ويبدي آخر سعادته لعثوره على بعض أعداد مجلة "شعر" حيث يقول: "فتَّشت عن أعداد "شعر" منذ عدة سنوات، واستطعت إلى الآن جمع معظم أعدادها، وهذا يشعرني بانتصار يخصُّني وحدي".
للورق رائحته!!يبدو منظر مكتبات الرصيف مغرياً لكل من يمرُّ من أمامها لإلقاء نظرة، ويدلُّ لون الأوراق على كثرة الأيدي التي قلَّبتها، وربما أحياناً اكتسبت هذه الأوراق رائحة خاصة تنتمي إلى الشارع أكثر من انتمائها إلى المطابع التي طبعت فيها، وربما كانت تلك الرائحة والألوان أهم ما يميِّز هذه المكتبات!!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق