بهدف تلمس الملامح الأساسية لإستراتيجية وطنية لصناعة المحتوى الرقمي العربي ووضع مشروع بنية تشاركية محفزة لهذه الصناعة وحاضنة لها، ينعقد في الفترة الواقعة بين 18- 20 أيار القادم المؤتمر الوطني الأول لصناعة المحتوى الرقمي العربي الذي تقيمه وزارتا الإعلام والاتصالات والتقانة، والجمعية العلمية السورية للمعلوماتية بالتعاون مع اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم.
كشف المهندس نبيل الدبس معاون وزير الإعلام للشؤون الهندسية أن الاستعدادات لهذا المؤتمر بدأت بعد انتهاء أعمال القمة العالمية حول مجتمع المعلومات في تونس 2005 بالتنسيق مع منظمة اليونسكو التي كلفت بمتابعة تنفيذ توجهات القمة في مجال المحتوى على الصعيد الدولي. وعقدت عدة اجتماعات استشارية شاركت وزارة الإعلام فيها بفعالية وخرجت بفكرة عقد المؤتمر الوطني الذي ستلتقي فيه جهود وزارة الإعلام مع وزارة الاتصالات والجمعية العلمية السورية للمعلوماتية واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا- الأسكوا التي أنجزت الكثير من الفعاليات في موضوع المحتوى الرقمي.وقال الدبس: «إن تطوير المحتوى يتطلب في المقابل تطوير ما يسمى (صناعة محتوى)، ونحن نمتلك ما يكفي من الأدبيات لإدارة الكثير من جوانب هذا العمل، وما نحتاجه الآن هو الصناعة، أي كيف نستطيع تطوير صناعة تنتج المحتوى بشكله القابل للاستثمار، أي الشكل ذو الجدوى الاقتصادية الجيدة». وكشف الدبس أن المهم في المؤتمر هي مجموعة محاوره التي تشكل نقطة الارتكاز والانطلاق التي تم وضعها نتيجة التعاون الفعلي والحقيقي بين الخبراء في وزارة الإعلام ووزارة الاتصالات والتقانة والجمعية العلمية السورية للمعلوماتية، إضافة إلى الخبراء العاملين في القطاع الخاص... . ومن هذه المحاور:صناعة المحتوى ... إشكاليات المفهوم والتطبيق، مجالات صناعة المحتوى الرقمي وتطبيقاتها، مقومات ومتطلبات صناعة المحتوى الرقمي، إشكاليات إنتاج وتوليد المحتوى وتوظيفه في التنمية، الأبعاد الاقتصادية لصناعة المحتوى الرقمي، خصوصيات المنطقة العربية، جوانب التطوير والبحث (R & D) في مجالات صناعة المحتوى الرقمي، حماية المحتوى الرقمي، استراتيجيات ومشاريع صناعة المحتوى الرقمي.ويمكن الاطلاع على تفاصيل هذه المحاور عبر زيارة موقع المؤتمر على شبكة الإنترنت وعنوانه: www.acnc.syوحول ما سيخرج عن المؤتمر المرتقب من توصيات أو نتائج فعلية ملموسة على أرض الواقع قال الدبس: «إن الهدف الأساسي من هذا المؤتمر الوطني الأول هو التوصل إلى ملامح إستراتيجية وطنية لصناعة المحتوى العربي، لأنها المرة الأولى التي يعقد فيها مؤتمر من هذا النوع، وتعقد عليه الكثير من الآمال لترسيخ هذه الاستراتيجية التي سيشارك في صياغتها أيضاً طيف واسع من الصناعيين وأصحاب المشاريع وأصحاب الأفكار». وأكد الدبس أن السنوات القليلة الماضية أرست نوعاً من الركائز التي يمكن الانطلاق من خلالها نحو الهدف، حيث إن صناعة المحتوى ليست بالأمر السهل من جهة مردوديتها التي مازالت غير واضحة المعالم، وهذا يعني أن تطويرها يحتاج إلى الكثير من الصبر والتدقيق والتجربة.وأشار الدبس إلى أن التحضيرات لانعقاد المؤتمر تجري على قدم وساق حيث تم تشكيل اللجان الإدارية والتنظيمية والعلمية والإعلامية إضافة إلى لجنة خاصة بالمشاريع وأخرى بالعلاقات العامة والإعلام والشؤون الهندسية، حيث تعقد هذه اللجان اجتماعات دورية تتابع من خلالها الاستعدادات اللازمة.وأوضح السيد معاون الوزير أن مشاركات متعددة وصلت إلى الوزارة من قبل خبراء محليين وعرب يرغبون في تقديم مساهماتهم في هذا المؤتمر حيث يستقبل موقع المؤتمر طلبات الاشتراك بشكل مباشر من خلال نماذج محددة للاشتراك.وأنهى السيد الدبس حديثه بالإشارة إلى أن الهدف الأساسي لهذا المؤتمر هو استكشاف الآليات التي تساعد على تدارك النقص الهائل في المحتوى الرقمي العربي بمختلف أنواعه وبخاصة توافره على شبكة الإنترنت، وإلى ضرورة رسم الملامح العامة لإستراتيجية وطنية لتوفير هذا المحتوى عن طريق صناعة واضحة الأسس والأهداف، وإلى كيفية توجيه هذا المحتوى نحو تحقيق أهداف التنمية الوطنية والتمهيد لبلوغ مجتمع المعرفة والحفاظ على الهوية العربية والتفاعل مع العالم الخارجي، وهذا يرسخ القيمة الإنسانية لمجتمع المعلومات، حيث إن البعض يفهم هذا المجتمع على أنه مجرد استخدام التقانات الحديثة، وهو مايضع أمام المؤتمر مسؤولية الانتقال إلى فهم ناضج ومتكامل لمجتمع المعلومات بمكوناته المختلفة.خير بك: الاستثمار في قطاع التكنولوجيا فرصة ثمينة لدول العالم الثالثتعتبر الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية من الأقطاب الفاعلة في محاور المؤتمر والتي كانت على الدوام من الداعين والمساهمين في عقد الندوات وورشات العمل التي تناقش قضية النهوض بالمحتوى الرقمي العربي على شبكة الإنترنت، وتأتي مبادراتها في الإعلان عن مسابقات لاختيار أفضل الأفكار والمشاريع الداعمة لتعزيز حضور المحتوى العربي كأحد أوجه اهتمامها المميز بهذه القضية.وفي لقاء لـ«الوطن» مع الدكتور عمار خير بك عضو اللجنة العلمية في الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية كشف خلاله أن بداية مشروع المؤتمر كانت بين وزارتي الإعلام والاتصالات فقط، وعندما قامت اللجنة العلمية في الجمعية بدراسة الموضوع ارتأت ضرورة توحيد جميع الجهود الموجودة، فقررت ضم المؤتمر السنوي الذي تعقده الجمعية إلى هذا المؤتمر الوطني المهم والأول من نوعه، وبين خير بك أن الجمعية ترى فيه مؤتمراً شاملاً يعبر عن توجهها في صناعة المحتوى، في الوقت الذي ينسجم فيه أيضاً مع توجهات وزارة الاتصالات والتقانة في متابعتها لموضوع مقررات قمتي مجتمع المعلومات في كل من جنيف وتونس. وأضاف: «ستكون الجمعية العلمية أحد ممولي ومنظمي هذا المؤتمر ومن المشاركين الأساسيين فيه عبر مختلف الأبحاث التي سيقوم أعضاؤها بتقديمها في محاور المؤتمر».وأشار خير بك إلى أنه لم يتحدد بعد ما سيقوم به كل طرف، ولذلك تمت دعوة الجميع للمشاركة لفتح الفرصة أمام كل من يمتلك فكرة أو مشروعاً أو بحثاً حول صناعة المحتوى الرقمي. موضحاً أن الأفكار التي ينوي المؤتمر استقطابها هي الأفكار الجيدة والقابلة للتطبيق والتي تناسب التوجه العام، لتتم لاحقاً فلترتها واعتماد بعضها على المدى الاستراتيجي، لأن القضية تندرج ضمن إطار المشاريع الاستراتيجية ذات التكلفة العالية والتي تتطلب أيضاً موارد بشرية متنوعة ومتخصصة وإلى نوع من التحقيق، الأمر الذي سيدفع الجمعية العلمية لتقديم كل ما لديها في سبيل هذا الغرض. وأكد: «إن لم تكن الأفكار والمشروعات التي ستطرح نفسها ضمن الإطار والمعايير الذي تبحث عنه الجمعية وتريده، عندها ستقوم الجمعية بطرح وجهة نظرها في هذه القضية مع الآخرين أثناء المؤتمر».يستقطب المؤتمر جميع المهتمين بصناعة المحتوى في القطاعين العام والخاص ومنظمات المجتمع الأهلي وغيرهم.. . ويعتبر محور «البحث والتطوير» أحد أهم محاوره وفي هذا الخصوص قال خير بك: «لا يكفي أن تتوافر لدينا توجهات وأبعاد ثقافية واجتماعية. بل يجب تطويع التقانات المتاحة لكي نتمكن من بناء صناعة حقيقية للمحتوى، صناعة تصل بالمنتج إلى حالته النهائية، ومن ثم هناك جانب تطويري وهندسي وتقاني يجب أن يكون موجوداً، والمؤتمر هو بمثابة المنبر الذي سيتيح لكل من يعمل على أبحاث ومشروعات تطوير المحتوى عرض رؤيته ومقاربته لحلول المسائل والقضايا التي تخص صناعة المحتوى ولغات التأشير التي يمكننا الكتابة فيها وكيفية بناء موسوعة الكترونية مثلاً، أو بناء محرك بحث أو آلية توظيف الـ( streaming ) أو الفيديو كونفيرنس ( Video-conference ) .... ». ورأى خير بك أن هذا الجانب مهم للغاية وليس علينا إغفاله لأننا نتحدث عن صناعة تتعلق في جانب كبير منها بالأمور الهندسية والتقانية.وعن اعتقاده في الوصول إلى صناعة حقيقية وربحية للمحتوى على المستوى المحلي أو غيره، رأى خير بك أن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يعتبر فرصة ثمينة لدول العالم الثالث لأنها من أهم المجالات التي يمكن الاستثمار فيها وخصوصاً أن المتطلبات الخاصة بهذا القطاع موجودة ومتوافرة في سورية بكثرة من كوادر بشرية ومهتمين وأصحاب أفكار وتجارب إلى تجهيزات تتطلبها هذه الصناعة، فهي صناعة غير مكلفة وتحتاج إلى تفكير وحاسوب وبنية تحتية بسيطة.وختم خير بك بالقول: «إن قضية المحتوى العربي التي يركز عليها المؤتمر تتماشى مع الكثير من القيم المضافة التي تمتلكها سورية في هذا المجال، وهي من أولى الدول العربية التي قامت بمبادرات في هذا المجال ما يؤهلها لأن تكون من الدول الرائدة في صناعة المحتوى العربي مع إمكانية تحقيق العوائد المرجوة من هذه الصناعة».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق