الجمعة، 20 فبراير 2009

ورشة عمل «العلوم والتكنولوجيا النانوية»...أبحاث واعدة لمختلف مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية

أقيم في مدرج رضا سعيد بجامعة دمشق ورشة عمل حول العلوم والتكنولوجيا النانوية التي نظمتها الجمعية السورية لرواد الأعمال «سيا» بالتعاون مع شبكة العلماء والمبتكرين السوريين في المغترب «نوستيا» بهدف إطلاع أساتذة الجامعات والصناعيين ورواد الأعمال الشباب على المجالات العلمية والصناعية المختلفة للعلوم والتكنولوجيا النانوية، باعتبارها أصبحت أهم القطاعات العلمية والصناعية الاستراتيجية التي تنمو بسرعة كبيرة وتكتسب أهمية اقتصادية خاصة في مجال المعلومات والاتصالات والبيولوجيا والكيمياء والطاقة والبيئة.
يشار إلى أن الحاجة للاستثمارات العلمية الكبيرة في مجالات بحوث العلوم النانوية دفعت دولاً متقدمة ونامية للبدء بالبحث عن مصادر التمويل لاستثمار نتائج هذه البحوث في العلوم الصناعية.وكانت ورشة العمل عبارة عن محاضرة قدمها البروفيسور موريزو فيرميجيلا من جامعة تريستي الإيطالية عرض خلالها الاهتمامات البحثية الكبيرة القائمة حالياً في هذا المجال، واهتمام بعض الحكومات وتسخيرها لمبالغ مالية ضخمة لهذا الخصوص مثل الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبا واليابان وغيرها من الدول المتقدمة. وتطرق البروفيسور إلى تعريف «النانوتكنولوجي» و«النانوساينس» والفرق بينهما مشيراً إلى أن هناك فرقاً كبيراً في الخلط الذي يقوم به الكثيرون بين المعنيين «micro الصغير» و«Nano المتناهي الصغر». وأكد أن قياسات النانوتكنولوجي التي يصل إليها العلماء يوماً بعد يوم آخذة في الاتساع «في الصغر» منذ عام 1970 عندما كانت القياسات من رتبة ألف جزء من الميليمتر فقط والتي ستصل في عام 2010 إلى جزء واحد من المليار.كما عرض فيرميجيلا في محاضرته اهتمام الكثير من الشركات التجارية بتطبيقات واستثمارات النانوتكنولوجي. وبين أن هذه التقانة بازغة في الوقت الراهن وهي واعدة لنا جميعاً وسيكون لها وقع كبير على جميع المجالات على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهها هذه التقانة. وذكر أن الجزء الأكبر القائم من هذه الجهود ينضوي حالياً تحت إطار الأبحاث التي لم تصل بعد إلى مرحلة المنتجات، وتوقع البروفيسور الوصول إلى قدر كبير من استثمار هذه التقانة خلال عقد ونيف من الزمن، إذ سنتمكن من رؤيتها على عدة مستويات كالمواد الأولية الأساسية ومستوى مكونات تنتج وعلى مستوى أنظمة تعتمد بشكل أساسي على تقانات النانو مستقبلاً. وتندرج تقنيات النانو ضمن موضوعات القياس فهو قياس دقيق للغاية مقارنةً مع الأبعاد المعتمدة في الكترونيات اليوم، لأنها ستكون أدق وأصغر بمئات أو آلاف المرات من المعتمد حالياً، كما أن خواص تشكيل المكونات بهذه الأبعاد الصغيرة تعطيها خواص غير مألوفة وإمكانات غير متوقعة في المستقبل. وهكذا سنصل إلى موضوع المادة التي تتشكل من مواد بالغة الصغر إلى عناصر تشكّل أنظمة وظيفية مفيدة لكل مجالات الطاقة والاتصالات والصحة والطب.وحول البعد الاقتصادي المأمول من هذا النوع من التقانات بيّن البروفيسور أنه ما زال من المبكر تحديد المدى الاقتصادي الذي سيتحقق على أثر اكتشاف هذه التقانات، ولكن الدراسات الاستشرافية المستقبلية تتوقع أن يكون هناك صناعة تصل إلى نحو 700 مليار دولار أميركي بعد 10 أو 15 سنة من الآن بناءً على توقعات دراسات باحثين يدرسون النواحي العلمية والتقانية والاقتصادية لدخول النانو في الصناعات، كما كان الحال في التقانات الالكترونية التي بدأت عبر البحث والصناعات المحدودة حتى توسعت في الوقت الحالي ليلامس حجم صناعتها أكثر من ترليوني دولار.وفي تصريح لـ«الوطن» قال الدكتور عمرو الأرمنازي: إن التكنولوجيا النانوية هي عبارة عن تخصص يتقاطع عملياً مع جميع التخصصات سواء في العلوم الفيزيائية الطبيعية أو علوم الحياة، وتعتمد النانوتكنولوجي على طيف واسع من التقانات في المجالات المختلفة «التقانات الالكترونية، تقانات المواد، التقانات الكيميائية...» وتصل إلى التقانات البيولوجية والصحية وغيرها... وأشار الأرمنازي إلى أن منتوجات هذه التقانة سيكون لها تطبيقات عديدة في حياتنا اليومية كما هي الحال في التقانات الالكترونية والدارات المتكاملة، وأوضح أن هذه الموجة المستقبلية التي يتم الحديث عنها هي عملياً الرابط الذي سيربط بين التقانات الالكترونية والمعلومات والاتصالات، والتقانات الحيوية.وأكد الأرمنازي أن هذا الربط المستقبلي سيؤدي إلى تشكيل أنظمة تحقق وظائف إلكترونية في مفهومها الحالي ولكن موادها الأساسية هي مواد حيوية، وهذا ما سيخلق مزيجاً بين المادة الحيوية والمادة الفيزيائية التقليدية التي نعرفها. وعلى اعتبارها تقانة واسعة توقع الأرمنازي أن تصب هذه التقنية في الاقتصاد بشكل كبير حيث ستكون متاحة لكل من يريد إدخالها في صناعته.من جانبه بيّن الدكتور آصف دياب مدير عام الهيئة العليا للبحث العلمي في تصريح لـ«الوطن» أن البدايات الأولى لهذا العلم كانت في خمسينيات القرن الماضي على يد الفيزيائي الأميركي «ريتشارد فيلتمان» الذي قال كلمته الشهيرة «لايزال هناك فراغ في قاع المادة»، وبعده بسنوات عديدة قام عالم آخر يدعى «إريك دريكسلر» بتأليف كتاب كان موضوع أطروحته للدكتوراه في العلوم بعنوان محركات الخلق «engine creature» وهي الدرجة العلمية العليا في الولايات المتحدة... ثم بدأ النشاط في تسعينيات القرن الماضي إلى أن اقتنع صناع القرار في الولايات المتحدة بأهمية هذه التقانة الواعدة التي تلامس جميع مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية وغير ذلك. فتم طرح «المبادرة القومية للتقانة النانوية في الولايات المتحدة» وكانت في عهد كلينتون ووصلت المبالغ المرصودة لها حالياً إلى 5 مليارات دولار لدعم مؤسسات البحث العلمي العاملة في هذا المجال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق