ترافق وصول التكنولوجيا إلى مختلف مفاصل الحياة اليومية مع بروز الحاجة عند المؤسسات الرسمية والخاصة بضرورة إيلاء الاهتمام اللازم للقطاع الخدمي فيها وإعطائه القدر الذي يستحقه من جانب إلحاق هذا القطاع بالتطور التقني الحاصل للوصول إلى تقديم أسرع وأفضل للخدمات ولما في ذلك من إرضاء للمواطن وتوفير في وقت ومال وجهد هذه القطاعات.
ويشكل قطاع الخدمة البريدية في سورية حيزاً واسعاً من أعمال المواطن اليومية العاجلة التي تتمثل بتبادل الناس اليومي للمصالح بين بعضهم بعضاً سواء إلى داخل القطر أو خارجه، وفي كل مناسبة ينتهز كبار مسؤولي الاتصالات الفرصة للتأكيد على قرب موعد التعديلات والتغييرات الجذرية التي ستصيب قطاع البريد في مختلف مستوياته القانونية والإدارية لضمان استمرار وجوده ومجاراته للتغييرات التي تحصل في العالم.ونظراً للانتشار الواسع لمئات المكاتب البريدية التابعة للمؤسسة العامة للبريد في كافة مدن ومناطق وقرى القطر العربي السوري فقد تضمنت خطة وزارة الاتصالات والتقانة بعض البنود التي تشير إلى إمكانية اعتماد هذه المكاتب مستقبلاً لتكون -بعد إجراء التعديلات اللازمة عليها - مكاناً لتقديم خدمات الحكومة الالكترونية المنشودة.ويقول بعض المراقبين: إن إعطاء قطاع البريد الاهتمام اللازم قد تجعل منه المنافس الأول لقطاع الاتصالات محلياً، وذلك بالمقارنة مع التجارب العالمية التي أثبتت أن خدمات البريد مربحة للغاية وأرباحها ستكون خيالية إذا أعطيت حقها من التطوير والتسهيلات. ويمكن اعتبار عدد الطرود البريدية التي تتعامل معها المؤسسة العامة للبريد في ازدياد بفضل إدخال الأتمتة إليها لكنها تبقى دون النسبة المطلوبة حتى الآن.وفي تصريح لـ«الوطن» أكد أحمد سعد مدير عام المؤسسة العامة للبريد أن سورية كانت أول دولة عربية سعت إلى تطبيق الأهداف الاستراتيجية العالمية بخصوص تطوير قطاع البريد فيها، حيث خاطبت المكتب الدولي للاتحاد البريدي العالمي موضحة رغبتها بوضع الأهداف الاستراتيجية العالمية ضمن خطة الإصلاح البريدي فيها، فاستجاب الاتحاد الدولي بإرسال مندوبين لهذا الغرض لدراسة واقع الإدارة الحالي والمشاكل التي تعاني منها. ووضعوا خطة متكاملة للإصلاح اعتمدتها وزارة الاتصالات والتقانة وهيئة تخطيط الدولة في سورية.وأوضح سعد أن هذه الخطة كانت تحتاج إلى مشاريع ودراسات تنفيذية، فتم بموجبها عقد اتفاق بين المؤسسة العامة للبريد وكل من هيئة تخطيط الدولة ووزارة الاتصالات والتقانة ومشروع الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ونتج عنه تعيين مدير مشروع وطني ومنسق من المؤسسة العامة للبريد التي تقاسمت تكلفته مع مشروع الأمم المتحدة. وكشف سعد عن إكمال المؤسسة حالياً لجميع الدراسات اللازمة لتنفيذ الخطة المتكاملة، وما يجري الآن هو العمل على وضع الخطة التنفيذية التي تتكون من عناصر عدة هي: دراسة الاستراتيجية التجارية، تغيير القوانين ووضع نظام التراخيص، تعريف الخدمة البريدية الشمولية، التمويل وتقديم الخدمة، برنامج التدريب والتأهيل المتكامل، الموقع الالكتروني الجديد للمؤسسة واللون الجديد لها. ولم يحدد سعد فترة زمنية معينة سيستغرقها تنفيذ تلك الخطة وقال: «إن البدء بخطوات متماسكة أفضل من البدء بخطوة شاملة لكي يتسنى للقائمين على المشروع تبين مواقع الضعف والقوة فتتم معالجتها في الوقت المناسب لأن التقنيات كما نعلم في تطور دائم».الاستعانة بالتجربة التونسيةتعتبر الاستعانة بتجارب الدول الأخرى مسألة فيها الإيجابيات والسلبيات، وقد أصبحت على ما يبدو سياسة معتمدة في وزارة الاتصالات والتقانة، وعن نية مؤسسة البريد في استقدام التجربة التونسية في «تقديم الخدمات البريدية» قال سعد: إن تونس تعتبر من الدول المشابهة لسورية في الكثير من ظروفها.. وعلى هذا فقد تم توقيع اتفاق بين وزارتي الاتصالات والتقانة في البلدين اعتمدته الجهات الوصائية ونتج عنه وضع بعض المشاريع قيد التنفيذ من أجل تطبيق الاتفاقية خلال شهرين كحد أقصى. ومن أهم هذه المشاريع إدخال الأتمتة على مختلف الأقسام (الحوالات، البريد العاجل، البريد المسجل، البريد الدعائي.. ), وأشار سعد إلى جاهزية البنية التحتية (الشبكة)، أما «البرامج» فسيقدمها الفريق التونسي الذي سيقوم بتدريب وتأهيل الموظفين للعمل عليها، أما التمويل فستتحمل مؤسسة البريد جزءاً منه وجزءاً آخر يتحمله المشروع الحكومي الموقع مع الـUNDP. وأمل في تحقيق هذا الهدف الذي سيعتبر قفزة جيدة وخطوة هامة في طريق إدخال التقانة إلى خدمات مؤسسة البريد ليتبعها بعد ذلك تعميم هذه التجربة على جميع مراكز بريد المحافظات.تدني الأجور يفقدنا الكوادر المعلوماتيةأحدثت مديرية المعلوماتية والتجهيزات الفنية في المؤسسة العامة للبريد عام 2001، وكانت تتكون من المدير فقط ثم تم رفدها بالتدريج بعناصر فنية تم اتباع بعضهم لدورات متقدمة لكنها لا تزال تفتقر إلى بعض الاختصاصات ولاسيما في مجال الشبكات وقواعد البيانات وتصميم البرامج. وعزا المهندس بسام الخطيب مدير المعلوماتية في المؤسسة هذا الأمر إلى ندرة هذه الاختصاصات نسبياً والأجور غير المرضية التي ينالها مهندسو المعلوماتية في القطاع العام الأمر الذي يجعلهم يتجهون إلى القطاع الخاص رغبة منهم في الحصول على مرتبات عالية تتناسب مع الجهود والخبرات التي يقدمونها.وعن دور وزارة الاتصالات والتقانة لكونها المعني الأول بتأمين الكوادر المعلوماتية للمؤسسة أكد الخطيب أن إدارة المؤسسة لا توفر جهدها كل عام بطلب إلى الوزارة تشرح فيه ضرورة فرز عدد من مهندسي المعلوماتية أو مهندسي الالكترون باختصاص شبكات أو اتصالات في الوقت الذي تم فرز عدد لابأس منهم إلى بعض المحافظات.وتقوم مديرية المعلوماتية حالياً بالإشراف على تشغيل برنامج الـIPS (نظام البريد العالمي) المطبق في مديريات بريد محافظات كل من دمشق وحلب وحمص وحماة وإدلب واللاذقية وطرطوس ودرعا، كما أنها تضطلع بالإشراف على طباعة لواصق الباركود وفقاً للمواصفات المعتمدة من قبل الاتحاد البريدي العالمي بتكلفة ربع ليرة سورية للصاقة الواحدة بدلاً من استيرادها من المكتب الدولي في برن بسويسرا بأكثر من ليرة ونصف الليرة. كما تشرف المديرية فنياً على مركز الاستعلامات البريدية في مديرية بريد دمشق حيث يستخدم هذا المركز برنامجين دوليين مرتبطين مع عدد كبير جداً من الإدارات البريدية العالمية على شبكة الإنترنيت وهما برنامج Rugby للاستعلام عن بعائث البريد العاجل وبرنامج Cricket للاستعلام عن الطرود البريدية.وتشرف المديرية فنياً على كافة نوادي الإنترنت المنتشرة في مديريات بريد دمشق وبعض المحافظات وتقوم بصيانة التجهيزات الحاسوبية في المؤسسة. وبالتعاون مع «مديرية التأهيل والتدريب» تقوم أيضاً بإجراء دورات تدريبية للعاملين على الحاسوب لإكسابهم المهارات الحاسوبية المناسبة.
شبكة نظام البريد العالمي IPSتمتلك المؤسسة حالياً شبكة حاسوبية مركزية تعتمد بنى قواعد البيانات الموزعة هي شبكة نظام البريد العالمي (IPS) وتتكون من ثماني شبكات فرعية موزعة في ثماني محافظات موصولة مع المخدم الرئيسي في دمشق. وترتبط مع الشبكة العالمية التي تتخذ من مدينة برن في سويسرا مقراً لها. وقد تم وضع التجهيزات والمخدمات المركزية في مديرية بريد دمشق، وتم إرساء شبكة محلية بمخدم محلي في كل مديرية بريد في المحافظات الأخرى المذكورة تخدم الطرود البريدية والبريد العاجل والمسجلات بشكل محلي عبر قاعدة بيانات خاصة بها مرتبطة بقاعدة بيانات أساسية مركزية في دمشق تتصل بدورها مع الشبكة الدولية حيث يمكن بواسطة هذا النظام تبادل المعلومات الكترونياً EDI (Electronic Data Exchange) مع كل دول العالم. ويمكن لأي شخص زيارة الموقع الالكتروني للمؤسسةWWW.SYRIANPOST.GOV. SY لتقفي أثر بعثته البريدية التي قام بإرسالها عبر المؤسسة والاستقصاء عن مصيرها بشكل مستمر ودقيق. وبين الخطيب أن هذا المشروع يعمل بشكل جيد وفعال بحيث أدى إلى زيادة ثقة المواطن بالخدمة ومضاعفة أعداد بعائث الطرود والبريد العاجل.القطاع الخاص منافس قويحول تفوق بعض جهات القطاع الخاص على المؤسسات الحكومية في تقديم خدمة بريدية هامة وهي «خدمة الحوالات» تحدث الخطيب عن سعي المؤسسة الدائم والحثيث نحو الأتمتة والارتقاء بخدماتها مشيراً إلى مشروع تحديث وتطوير الخدمات البريدية التي تنفذه المؤسسة حالياً بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP لهذه الغاية، والتعاون مع بعض الإدارات البريدية العربية المتقدمة في مجال تقديم الخدمات البريدية والمالية المؤتمتة.مشكلات لابد منهايقول الخطيب: إن مشاكل الشبكات الموصولة بين المحافظات كثيرة ولا بد منها وخصوصاً أن اتصالها مع بعضها بعضاً هو عبر خطوط اتصال كثيراً ما تكون عرضة للتوقف بسبب الظروف الجوية وتعطل بعض التجهيزات الشبكية الطارئ، ما يؤدي إلى تأخر البيانات في محافظة معينة وعدم وصولها إلى المركز الرئيسي في دمشق المرتبطة معها عبر نظام الـIPS ريثما يتم الإصلاح.